اعرني أيها الرسام فرشاتك أريد أن أرسم لوحة
سأرسم عمود انارة في وسط اللوحة ومـتكأ عليه طفل
يضم جناحيه لصدره من شدة البرد ويحتضن ضوء العمود
يرتعش جسمه داخل ثيابه الممزقة
تتساقط عليه زخات المطر لتخبأ دمعه
وقبل أن تسقط تختلط بضوء العمود
فيتراقص نورها الضئيل على وجهه
يحدق فيه العابرون وكانهم يرونه اول مرة
يحدثون صمته قليلا ويرحلون
ما أبلغ حديثك أيها الصمت
وما أسم لسعاتكم ايها المارون
وما أقوى زمجرتك أيها البرد
وما أحن ضوئك أيها العمود
اه ما أقسى دولة الضلام هي بلا قلب
اه ما أقسى أيها الرسام فرشاتك
رسمت مشاعره ولم ترسم احلامه
رسمت دموعه ولم ترسم بسماته
رسمت دمعة تحكي
لم تخرج لتكتشف العالم
ولم تخرج لتغسل غبار العين
وليست مطرودة لتبحث عن مسكن
خرجت لتكتب على الخد حكاية
حكاية بكل اللغات لا تحتاج ترجمان
تحكي الفقدان
تحكي فقدان ابيه
تقول بدل عنه أين أنت يا أبتاه
تحكي فقدان امه
تقول عنه اين أنت يا أماه
تحكي فقدان أخيه
تقول لماذا لا تأخذني معك أخياه
تحكي فقدان الصديق
تبحث يائسة وتقول لم أجد مثل الذي فقدناه
دمعــــــــــــــــــــــــ على الخد تحكي ــــــــــــــــــــــــة
تحكي الاشتياق
غريب عن الوطن تقول يا غربتاه
ومشتاق لحبيبه تحرق كل يوما خداه
خذ أيها الرسام فرشاتك
وأحرق الوحة
وقل لدرويش
لم يعد في صحوننا بقايا من عسل
فعلى ماذا نرد الذباب
مات الحراس وهاجرة بنات اوى
وسرقوا منا أخر عنقود العنب
هدموا البيت وأحرق الحصيرة
و قتلوا الطفل قتلوا ما تبقى من أمل